[ من مقدمة الطبعة الاولى ] ...
" ... فلم أكن وحدي، كانت الصحف تسبقني الى السفارات، وكانت تسبقني الى أكشاك بيت الصحف
حول العالم كله .
بل أني وجدتُ نسخة من " أخبار اليوم " في أحد محلات السجائر في ( السوق الدولية ) في مدينة هونولولو،
ولما سألتُ عن صاحبها الذي تركها، فإذا به أحد رجال السفارة الامريكية في كمبوديا !
وكنتُ كلما وجدتُ مقالاتي منشورة إحسست أنها صواريخ، صواريخ متعددة المراحل ترفعني الى أعلى، وأعلى
... حتى إتخذت لي مدارا فوق .. فوق ما كنتُ أتصور ! "
/
[ في الهند ] ..
وفي الهند في إستطاعتك أن تستغني عن أذنيك، فكل الذي تسمعه لا معنى له، فهم يتكلمون لغات كثيره
ولهجات كثيرة جدا. حتى اللغة الانكليزيه، وهي إحدى اللغات الرسميه في الهند. لهم طريقة خاصة في نطقها.
وعلى الرغم من إنهم يتكلمون الانكليزيه بشكل سليم، من الناحية النحوية. فأن اللهجة الهندية تجلعها لغة أخرى
ويصعب عليك فهمها في كثير من الاحيان.
أنا شخصيا حاولت ذلك في الدقاق الاولى .
[ في سيلان ] ..
" ... ويكفي أن أقول لك : إن أول إنسان شرب الشاي كان سنة ٢٧٢٧ قبل ميلاد المسيح. ذلك الشخص هو الامبراطور
شن توانج. وكان من عادة هذا الامبراطور أن يغلي الماء قبل شربه، وقد حدث وهو يشهد عملية غليان الماء
ـ كما قلت لك قبل لحظات ـ سقطت ورقة جافة من إحدى الاشجار وإنزعج الامبراطور ولكنه لاحظ أن هذه الورقة قد
غيرت لون الماء، فوضع أوراقا أخرى، فأعجبه الطعم واللون، وكان الامبراطور أول من شرب الشاي في العالم .
ويقال أن جنكيز خان نقل الشاي بهذه الصورة من آسيا الى أوروبا ... "
[ في المالديف ] ...
" ... وكلمة مالديف، ـ معناها جزر السمك ـ . فكلمة مالد: معناها سمك، وديف أصلها ( ديب ) أو ( ذيب ) ومعناها جزيرة .
والكلمة كلها سنسكريتية ... "
[ في سنغافورة ] ...
" ... اليوم أحسست فعلا أن أذني لها طبلة، أن جلدها يشبه جلد الطبول. غليظ، لا يُحس بالاصوات الرقيقة .. إنني لا أتصور ما حدث لي! إنني لم أعد أستمع الى أي موسيقى ولا أية أغان مع أني ـ ولا فخر ـ أحفظ كل أغاني عبد الوهاب وأم كلثوم وعبد الحليم، وبلغت بي الجرأة أنني غنيت لعبد الوهاب، إمام عبد الوهاب ... "
[ في آندونيسيا ] ...
" ... فالرجل الاندونيسي ضاحك دائما.. بل إنه مغرق في الضحك، ولكنه لا يدرك النكته ولا يخترعها.
ولا يطلب المرح ولا يتفنن فيه، ويظهر أن المستعمرين لم يتركوا لأندونيسيا شيئا الا الكنوز المطمورة في الارض.
والذي تركوه لأندونيسيا يحتاج الى صيانة ودفاع. فأندونيسيا لها شواطئ ٣ الاف جزيرة لا يمكن الدفاع عنها ابدا.
ولذلك كانت ثروات اندونيسيا في غربال أو مصفاة، فهي تتساقط من تلقاء نفسها ... "
[ في أستراليا ] ...
" ... ( أشياء غريبة ! )
* كل شوارع سيدني وملبورن وكانبرا فيها علامات وعلى العلامات كلام كثير .. فالمشي هنا من الساعة كذا للساعة كذا
وممنوع مشي المشاة في هذا الشارع كله .. وأية دراجة تمشي هنا عليها غرامة ٥٠ جنهيا ... "
[ في الفلبين ] ...
"... ومددتُ يدي الى الليمون وعصرته في الماء .. ولاحظت أن عصير الليمون أصفر .. كأنه ليمون مخلل !
هذه أول مرة في حياتي أجد ليمونا ينزل من الشجر مخللا، وبه ليمونا وشطّة .
وعرفتُ أن كثرة الليمون تخفي معالم اللحم فلا يعرف الزبون كيف كان طعمها.. ولا أن كانت طازه أو بايته ! ... "
[ في هونغ كونغ ] ...
"... كأنّ الطائرة وهي تحوم فوق هونغ كونغ نملة تزحف فوق لوحة جميلة معلقة فوق حائط من الزجاج الازرق.
كأن العمارات الطويله الرفيعه الحمراء والصفراء والبيضاء مصنوعة من العملات الذهبيه والفضيه والنحاسيه،
قد وضعها بعضها فوق بعضها ملايين التجار المهربين، فما سمعوا صوت الطائرة هربوا الى الغابات والجبال... "
[ في اليابان ] ...
" ... وليس في اليابان جاهل واحد .. والتعليم إجباري حتى آخر المرحلة الثانوية، وكنت أتصور أن السويد هي
أرقى بلاد العالم .. ولكن الارقام تقول أن بها فقط ١ ٪ لا يقرأون ولا يكتبون ، تصور .. ! واليابان في مقدمة
شعوب آسيا، وفي مقدمة شعوب العالم كلها. وكثيرون جدا جدا من خريجي وخريجات الجامعات يكنسون
الارض ويمسحون البلاط ... "
[ في جزر هاواي ] ...
" ... وعرفت أن الناس في هذه المنطقة من العالم لا يتعجلون أي شيء .. إن كل شيء هنا يمشي على مهل،
إنهم لا يخافون من شيء فالطعام معلق في الاشجار، والماء تحفظه السماء في خزانات من السحاب،
والحرارة ترميها الشمس بغير حساب، وإذا مات واحد منهم فهناك ملايين، وإذا عاش واحد فلن تضيق به الارض ... "
[ في أمريكا ] ...
" ... الحقيقة أن أمريكا بهرتني .. رغم أنني رأيت أوروبا عدة مرات وعشت في آسيا وأستراليا أكثر من ٥ شهور
.. بهرتني فعلا .. الناس وحياتهم ونظرتهم للدنيا !
كل شيء واسع في أمريكا الا البنطلونات .. كل شيء موجود في أمريكا :
الطعام والامن والعلاج والتجارة وفرص النجاح في الحياة وحب السلام، كل شيء الا : الذوق .. !! ... "
/
( حول العالم في ٢٠٠ يوم، رحلة قام بها الكاتب والصحافي المصري أنيس منصور. وقد جال بها معظم دول آسيا وأمريكا وأوروبا، ثم نقلها لنا مستخلصا بها كل ما شاهده وتعلمه سواء اعجبه أم لم يعجبه.
صدرت الطبعة الاولى من الكتاب سنة ١٩٦٣.
صدرت الطبعة الاولى من الكتاب سنة ١٩٦٣.
وقد تناقلت الصحف العربيه في تلك الفترة اخبار هذه الرحلة لفترة طويلة، كونها أول رحلة حول العالم يقوم بها صحافي عربي.
الكتاب مكتوب بلغة شيقه وممتعة جدا، وكأن أنيس منصور يحدث نفسه وينقل حديثه على الورق.
اللغة العاميه الموجودة في الكتاب جعلته اكثر ظرفا وأكثر قبولا لدى القارئ من وجهة نظري ) .
حول العالم في ٢٠٠ يوم / أنيس منصور
هامش :
قراءة ممتعة من مسرح
1 التعليقات:
جميل
إرسال تعليق